بعد أن ماجت عقول الناس سيل المطامع ونيل الرغائب ،وبعد ان سادت المجتمع روح الشك
التي تربت على قيم الضّلال والانحلال في الفكر والأخلاق والضّياع، وبعد ان وجدت الفتنة طريقها
للنمو في جسد الامة المؤمنة التي أدّت إلى ضعف المسلمين بعد قوتهم ، وتمزيق شملهم بعد وحدتهم ، وتبديد كلمتهم ، وتفتيت أوصالهم ، وانكسار عزيمتهم حتى وصلوا إلى هذهِ الحال المؤلمة؛
فكانت نتيجة فقدان الصدق والصراحة إزاء ظواهر النفاق ونظائرها بين أفراد الامة الاسلامية والمسامحة في اختراق أدب الشريعة واعتبارها "حيلة شرعية" ، وطغيان المجاملة على حساب الدين الحنيف ،
حتى بنيت بذلكَ أسس الاَفعال القبيحة ، وتوفرت مصادرها ، فاُقعدت الاُمّة عن معرفة
الكثير من الحقائق ، والتبس الاَمر على أفرادها ، وأصبحَ للباطل وجه مقبول نتيجة السكوت عليهِ ،
وأُلفه ، واستحسانه ، والتغاضي عن قول الحق . ولعلّ من أشدّ الاُمور رذيلة التساهل مع
الظالم الفاسق بالاِغماض عن جوره وعتوه ، ثمّ ازدياد الطين بلة بمدحه واطرائه ، حتى ليخيّل إليهِ
انّ الاُمّة لا ترضى بسوى الطغيان بدلاً؛ لاَنه الحق الذي تنشده!! فيزداد عتواً وفساداً ، فيتوهمه المغفل
حقيقة ويرضاه المنافق وسيلة ، ويسكت عنه الآخرون خوفاً وطمعاً ، وعندها ترى الاُمّة
القبيح حسناً ، والضار نافعاً ، والخائن أميناً ،
والامر بالمعروف منكرا !!!
__________________
ان النفس لاتكون مستعدة للتراقي
في مقامات الفيوضات الاالهية
الى السعادة الاخروية مالم تحصل لها التخلية
من الرذائل والتحلية بالفضائل